الفصل السابع
: قاضي التحقيق يخرق القوانين
الجاري بها
العمل
1.7- عندما يباشر
قاضي
التحقيق عمله خارج إطار
القانون
اقتضى
المشرّع صلب الفصل 48 من
مجلة الإجراءات الجزائية
أنّه "في حال غياب صاحب
الوظيف أو عند تعذّر الحضور
عليه مؤقّتا فإنّه يعوّض
في القضايا المتأكّدة
بأحد
قضاة المحكمة يعاينه
الرّئيس..."
وحيث ضبط المشرّع
صلب الفصل المذكور الحالات
التي يجوز
فيها تعويض قاضي التّحقيق
بآخر وصيغه وحدوده. فاشترط
أن يكون التّعويض في حال
الغياب أو التعذّر المؤقّت
وأن لا يكون إلاّ في القضايا
المتأكّدة لا غير وأن
يعيّن
القاضي البديل بقرار
من رئيس المحكمة وذلك
تماشيا مع الفصل 51 من نفس
المجلّة الذي
نصّ أنّ القضيّة "تعهد
بصغة لا رجوع فيها لحاكم
التحقيق بمقتضى قرار
في
إجراء بحث..."
ولا يجوز لمن ينوبه
بسبب غيابه أو تعذّر الحضور
عليه
تجاوز حدود البت في القضايا
المتأكّدة لإجراء ما
لا يحتمل الانتظار حتى
رجوعه كما
لا يجوز للقاضي المعوّض
إصدار قرار في ختم البحث
لأنّ ذلك من مهام القاضي
المتعهّد
بالقضيّة دون غيره. ولقد
ذهب المحامون النّائبون
إلى التّأكيد أنّ في مباشرة
قاضي
التّحقيق بالمكتب الأوّل
للإستنطاقات و الأبحاث
في القضية عدد 2815 وإصداره
لقرار
ختم البحث فيها نيابة
عن زميله قاضي التّحقيق
بالمكتب الثّاني خرق
لأحكام الفصلين
48 و 51 من مجلة الإجراءات
الجزائية وهو مباشرة
لأعمال استقراء واتّخاذ
لقرارات
خارج إطار القانون.
2.7- قرارات الضمّ والتّفكيك
بعيدا عن سلطة القانون
أحاط المشرّع
التونسي مسألة ضمّ القضايا
لبعضها البعض أو تفكيكها
بالعديد من الشروط حفاظا
على
مصلحة المتهم الشرعيّة
وعلى حقوقه وقد نظم ذلك
صلب الفصلين 130 و 131 من مجلة الإجراءات
الجزائية والفصل 55
من المجلّة الجنائيّة
ولكن المتتبع لقرارات
الضمّ والتّفكيك الصادرة
في القضيّتين
عدد 2815 و 3391 و القضايا المرتبطة
بهما يلاحظ أنّها لم تكن
خاضعة لأحكام القانون
والإجراءات بل لاعتبارات
أمنية وسياسيّة فاتّخذ
قاضي التحقيق قرارات
تفكيك
في حالات يحتّم فيها القانون
الضمّ طبق أحكام النصّ
المذكور في طالعه كما
اتّخذ قرارات تفكيك وتخلّى
لفائدة غيره في حالات
سبق له فيها إصدار قرار
ختم بحث
في شأن المعنيين بالقرارات
المذكورة في حين نجده
اتّخذ قرارات ضمّ واستجلاب
لملفّات أخرى والحال
أنّه لا علاقة لها مطلقا
بالملف الذي تعهد بالنّظر
فيه مثلما
هو الشأن بالنسبة للقضيّة
التحقيقية المحال فيها
(نبيل الواعر و من معه)
والقضية التحقيقية عدد
63049 (الجوالي ومن معه) كضمّ
قضية مجموعة "طلائع
الفداء" لقضيّة النّهضة
وهو ما انتهت المحكمة
صلب حكمها لتأكيد
غياب أي رابط بينها ليتأكّد
أنّ عمليّة الضمّ والتفكيك
المتخذة من طرف قاضي
التحقيق لم تكن خاضعة
لأحكام القانون بل خاضعة
لاعتبارات أمنيّة من
مثل عدم تمكّن
قاعات المحكمة من استيعاب
كل المتّهمين دفعة واحدة
كخضوعها لاعتبارات سياسيّة
من
مثل محاولة البحث عمّا
يلصق تهمة اعتماد العنف
بحركة النّهضة بتركيز
الدعاية الإعلاميّة على
أنّ سرقة المتفجّرات
من طرف جماعة الكبّاريّة
واستقطاب الحبيب
لسود لبعض العسكريين
ورجال الأمن واعتداء
شاكر الجوالي وأصدقائه
على
مركز 7 نوفمبر كان في إطار
تنفيذ مخطّط حركة النهضة
للانقضاض على السّلطة
وهو ما أثبتت الأبحاث
والحكم الصادر في القضية
عدد 76111 خلافه تماما علما
وأنّه
تمّ تفكيك القضية في حقّ
البعض وإفرادهم بالتتبّع
دون بيان الأساس القانوني
لذلك
واكتفى حاكم التحقيق
بالقول "بأنّه بترك النّظر
عن توفّر الإدانة من عدمها
فلا مانع من إفراد المتّهم
بملف مستقل"
في حين اعتمد تحليلا مخالفا
عندما حاول تبرير توحيد
الإجراءات وضمّ بعض الملفّات
للملف موضوع البحث بدعوى
أنّ المشرّع جعل توحيد
الإجراءات وجوبيا لوحدة
الأطراف
والموضوع.
3.7- قاضي التحقيق يجري الأبحاث
ويصدر قرار ختم بحث نيابة
عن زميله
من الاخلالات الخطيرة في هذا الملف
ما أدّى حسب رجال القانون
إلى إنهاء دور مؤسّسة
قاضي
التحقيق كمؤسّسة قضائية
مستقلّة بذاتها الغاية
من وجودها المساعدة في
البحث على
الحقيقة في ظلّ ضمانات
أكثر للمتّهم...
فلقد اقتضى المشرّع
التونسي صلب الفصل 51 من
مجلة
الإجراءات الجزائية أنّه
تعهّد القضيّة بصفة لا
رجوع فيها لحاكم التحقيق
بمقتضى
قرار في إجراء بحث... كما
اقتضى المشرع صلب الفصل
48 من نفس المجلّة أنّه في
غياب
صاحب الوظيف أو عند تعذّر
الحضور عليه مؤقّتا فإنّه
يعوّض في القضايا المتأكّدة
بأحد قضاة المحكمة يعيّنه
الرّئيس...
ولكن ما حدث جاء مخالفا
لأحكام الفصلين المذكورين
إذ
وإثر تغيّب النّقيب مروان
بوقرّة قاضي التحقيق
بالمكتب الثاني المتعهّد
بالبحث في الملف عدد 2815 بعد
أيّام قليلة من تعهّده
بالملف فوجئ المتّهمون
ولسان
الدّفاع بتكليف الرّائد
عياد بن قايد قاضي التحقيق
بالمكتب الأوّل بنيابته
وذلك
بموجب مذكّرة عمل صادرة
عن وكيل الدولة العام
لدى المحكمة العسكريّة
خلافا لأحكام
الفصل 42 من مجلة الإجراءات
الجزائية لتعطي المذكّرة
المذكورة النّيابة
العسكريّة سلطة على قاضي
تحقيق والحال أن حقّ تكليف
من يعوّض قاضي التحقيق
في حالة
الغياب مخوّل لرئيس المحكمة
الذي يتخذ قرارا و ذلك
بمذكّرة ولم يقف الأمر
عند هذا
الحدّ بل و على خلاف
أحكام الفصلين 48 و
51 من مجلة الإجراءات الجزائية
لم تعد نيابة قاضي التحقيق
لزميله مؤقّتة
ومقيّدة بالنّظر فيما
هو متأكّد فقط بل تعدّى
ذلك إلى إجراء الأبحاث
وإصدار
بطاقات الإيداع والقيام
بكل الأعمال الموكولة
بحكم القانون لزميله
لينتهي به الحال
إلى تخويل نفسه سلطة البتّ
في الملف وإصدار قرار
ختم البحث في القضية بتاريخ
8
أفريل 1991 وذلك بالنّيابة
عن زميله الذي عهدت له
الأبحاث فتحوّلت النّيابة
المؤقّتة والمحدّدة بحكم
القانون والمقيّدة بالنّظر
في ما هو متأكّد فقط إلى
نيابة
دائمة ومطلقة حتى إصدار
قرار ختم البحث وهو ما
يعدّ انتزاعا للملف من
قاضي التحقيق
الذي عهد له به بصفة لا
رجوع فيها وإحالته لغيره
بدون وجه حقّ وعلى خلاف
ما
اقتضاه المشرّع علما
وأنّ ذوي الشّبهة والمحامون
كثيرا ما اشتكوا من انحياز
قاضي
التحقيق الذي كلّف بنيابة
زميله وقاموا بالتّجريح
فيه مطالبين بسحب ملف
القضية من
يديه لعدم التزامه الحياد
الواجب عليه.
4.7- قرارات تمديد
الإيقاف
التحفظي بالجملة
لئن خوّل المشرّع
صلب الفصل 84 من مجلة الإجراءات
الجزائية لقاضي التحقيق
إبقاء المظنون فيه بحالة
إيقاف بقرار معلّل بعد
أخذ رأي وكيل الجمهوريّة
على أن يكون القرار شخصيا
لأنّ
العقوبة شخصية حسب أحكام
الفصل 19 من الدستور وكذلك
الشّأن بالنّسبة لكلّ
البطاقات
القضائيّة التي يجب أن
يتمّ التّنصيص صلبها
على هويّة المعنى بها
ولا أدل على ذلك
من أنّ المشرّع خوّل الطعن
بالاستئناف في قرار التّمديد
في الإيقاف التحفّظي
الأمر
الذي يوجب أن يكون القرار
شخصيّا حتى يجوز لكلّ
من تضرّر منه الطعن فيه
ولكن عكس
ذلك هو الذي حصل إذ جاءت
قرارات التّمديد في الإيقاف
التحفّظي جماعيّة من
دون ذكر
المعنيّين بها وتمّ الإستعاضة
فيها عن هويّة المظنون
فيهم المعنيّين بها بصيغة
"لكل منهم" مع انعدام
أيّ أثر للتعليل ولعرض
الملف على وكيل
الجمهوريّة لإبداء رأيه.