1.8- قرار
دائرة الإتّهام عدد 33315 بتاريخ
28/05/1991 أو إحدى عجائب القضاء
التونسي
اتخذت
دائرة الاتّهام بمحكمة
الاستئناف بتونس قرارا
يعتبره كل من اطّلع عليه
من أغرب
عجائب ما صدر عن القضاء
التونسي، فبعد إحالة
ملفّ القضيّة صحبة قرار
ختم البحث
عدد 2815 الصادر في 08/04/1991 على
الدائرة المذكورة و بعد
أن قدم مساعد
الوكيل العام لدى محكمة
الإستئناف بتونس طلباته
في 29/04/1991 و الرامية إلى
طلب إحالة المتّهمين
على الدائرة الجنائيّة
بالمحكمة العسكريّة بتونس
لمقاضاتهم من
أجل ما نسب إليهم دون أن
يطعن أي واحد من المتّهمين
في قرار ختم البحث المذكور
تقرّر الدّائرة رغما
عن أنف المتّهمين وممثّل
النّيابة العمومية وأحكام
القانون
إبطال قرار ختم البحث
وإرجاعه للمحقّق لإعادة
الأبحاث فيه بشكل شامل
استجابة لتقرير
ورد إلى الوكيل العام
لدى محكمة الاستئناف
من طرف وكيل الدولة لدى
المحكمة
العسكريّة بناءا على
ما ورد في تقرير من إدارة
أمن الدولة بتاريخ 25/05/1991
ولسائل أن يتساءل ما علاقة
وكيل الدولة لدى المحكمة
العسكرية بدائرة الاتّهام
لدى
محكمة الاستئناف والحال
أنّ الفصل 113 من مجلة الإجراءات
الجزائيّة اقتضى أنّه
يقوم
بوظائف الإدّعاء العمومي
لدى دائرة الاتّهام المدعي
العمومي لدى المحكمة
المذكورة
أو أحد مساعديه ؟ وإذا
علمنا أنّ أطراف القضيّة
أمام دائرة الاتّهام
هم المتهم
والإدّعاء العمومي
و القائم بالحقّ الشخصي
إن وجد ( الفصل 114 من مجلة
الإجراءات
الجزائية ) فهل يحق لمن
لم يكن طرفا في القضية
إبداء رأيه في الموضوع
وإضافة
تقارير للملف ولكن الأغرب
من كل ذلك أنّ قرار دائرة
الاتّهام جاء مخالفا
لأبسط
مقتضيات القانون إذ لم
يذكر صلبه حتى أسماء المتّهمين
مثلما اقتضى ذلك
المشرّع صلب الفصل 168 من
مجلة الإجراءات الجزائية
و لا جاء فيه عرض مفصّل
للوقائع
موضوع التتبع مع بيان
وصفها القانوني طبق الفصل
119 من مجلة الإجراءات الجزائية
بل
جاء فيه في باب التعريف
بالمتهمين "بعد التتبع
الجاري ضدّ علي بن لطيف
العريض
ومن معه" و يظهر أنّ السادة
قضاة دائرة الاتّهام
كانوا في عجلة من أمرهم
ولم
يكن لديهم ما يكفي من الوقت
حتى لإصدار قرار تتوفر
فيه أبسط الموجبات الشكلية
التي
لا يعقل صدور حكم بدون
توفّرها علما وأنّ الفصل
116 من مجلة الإجراءات الجزائية
اقتضى أنّه لا يجوز لدائرة
الاتّهام بصفتها محكمة
تحقيق من درجة ثانية (إذ
لم يطعن
أي طرف بالإستئناف في
قرار ختم البحث المحال
عليها) إبطال قرار التّحقيق
وترجيع
القضية للحاكم الذي أصدره
بل خوّل لها فقط الإذن
بإجراء بحث تكميلي بواسطة
أحد
مستشاريها أو بواسطة
حاكم التحقيق كما خوّل
لها التحرير على المحال
عليها الذي كان
بحالة فرار إذا تمّ إيقافه
أثناء عرض الملف أمامها
وقبل صدور قرارها ويقتصر
دور
حاكم التحقيق في حالة
إرجاع الملف إليه على
إنجاز ما طلب منه كقاضي
مقرر لدى
الدائرة المذكورة ولا
يحقّ له اتّخاذ أي قرار
جديد بما في ذلك النظر
في مطالب
الإفراج كما لا يجوز له
تكليف غيره بما أنيط بعهدته
لأنّه مقيّد بعمل محدّد
لا يحقّ
له تجاوزه أو تعدّيه لغيره
ولم يعد مخوّل له ما كان
مسموحا له بمقتضى قرار
تكليفه
بالتحقيق وبقدر ما كانت
أحكام مجلة الإجراءات
الجزائية صريحة في هذا
الباب جاءت
الإنابة التكميلية التي
أعطاها المحقّق مرّة
أخرى لأعوان إدارة أمن
الدولة لتُؤكّد
أنّ هيمنتها على الأبحاث
وسيرها حوّلت دور قاضي
التّحقيق ودائرة الاتّهام
إلى دور
شكلي ليس إلا إذ اتضح من
خلال أوراق الملف أن قاضي
التحقيق قام حال إرجاع
الملف
إليه بإعطاء إنابة تكميليّة
لإدارة أمن الدولة.
2.8-
دائرة الاتّهام تنظر
في قراري ختم البحث في
نفس اليوم!!!
بعد
أن استمرّت
الأبحاث قرابة السنتين،
شاءت الظروف أن يصدر قراري
ختم البحث في الملفين
عدد
2815 و 3391 في يوم واحد و ذلك يوم
29/05/1992 وبعد إحالتهما على
دائرة
الاتّهام بمحكمة الاستئناف
بتونس برئاسة السيّد
حسن بن فلاح وبعد تلقي
ملحوظات النّيابة العموميّة
نظرت الدائرة المذكورة
في الملفين في يوم واحد
كذلك وهو
يوم 13/06/1992 علما و أنّ الفترة
الزّمنيّة الفاصلة بين
صدور قراري ختم البحث
وقراري دائرة الاتّهام
لا يتجاوز الثلاثة عشر
يوما بما في ذلك أيّام
الآحاد و
العطل أمّا كيف تمكّنت
الدائرة المذكورة من
دراسة الملفين و تفحّص
أوراقهما التي لا
تحصى ولا تعدّ في مثل ذلك
الحيز الزّمني الضيّق
جدّا وكيف توصّلت إلى
فصل الملفين
في يوم واحد معا فذلك ممّا
لم نعثر له على جواب و لا
نظن أحدا يعثر له على جواب.