الفصل الثالث عشر : المحكمة
تخرق قاعدة شخصيّة الجرائم
1.13-المحكمة تحاكم
المتهمين من
أجل أفعال لم يرتكبوها
اقتضى الفصل
13 من الدستور أنّ العقوبة
شخصيّة و ذلك عملا بالقاعدة
الشرعيّة الأصوليّة "و
لا تزر وازرة وزر أخرى"
و لكن يتضح بالرجوع إلى
الأحكام الصادرة في حق
المتهمين المحالين في
القضيتين عـ76110ـدد و عـ76111ـدد
: أنّ العقوبة لم تعد
شخصيّة و أنّ الشخص لم
يعد يحاسب على ما اقترفت
يداه بل يحاسب كذلك على
ما ارتكبه
غيره في غيابه بدون علمه
و لا مشاركته بأي شكل من
الأشكال و يكفي الرجوع
إلى تعليل
الحكم في حق كلّ من المرحوم
سحنون الجوهري و زياد
الدولاتلي و علي لعريض
لتبيّن خطورة الأمر إذ
جاء فيه "و حيث أنّه بالنسبة
لعلي لعريض و زياد
الدولاتلي و سحنون الجوهري...
إنّ إيقافهما في نهاية
شهر ديسمبر 1990 (و المحاضر
تثبت أنّ زياد الدولاتلي
أوقف يوم 23 نوفمبر 1990) لا يمنع
مساءلتهما جزائيّا على
ما صدر من أتباع الحركة...
و لا أدلّ على ذلك من مواصلة
المشوار من طرف المتهم
سحنون الجوهري... و بناءا
على ما صدر من أتباع الحركة
من مظاهرات عنيفة... فإنّ
ذلك يوفّر ضدّهم (زياد
و علي و سحنون) جريمة الإعتداء
على أمن الدولة الداخلي..."
2.13- المحكمة تحاكم المحالين
أمامها من أجل أعمال أحيل
المتهمون
بارتكابها على القضاء
من ذلك ما
تأسس عليه الحكم عـ76110ـدد
من ملفات قضايا أخرى تعهّد
القضاء بالبتّ فيها و
قد
أصدر أحكامه في بعضها
مثلما كان الشأن بالنسبة
لقضية باب سويقة و قد جاء
في الحكم
ما يلي "و حيث أضيف لملف
القضيّة العديد من الملفات
الفنيّة المجسّمة
لأحداث العنف... التي قام
بها أعضاء حركة النهضة...
و كذلك صورا عن ضحايا حادثة
باب سويقة..." علما و أنّ
من المتهمين المحالين
في القضيّة عـ76110ـدد من
أوقف يوم 17/2/1991 على ذمة
الأبحاث في قضيّة باب
سويقة و لما ثبتت براءته
منها تمّ التخلي عنه لفائدة
قاضي
التحقيق في المحكمة العسكريّة
ليجد نفسه مرّة أخرى وجها
لوجه مع القضية المذكورة
التي أسست عليها المحكمة
إدانتها كما
يتضح من خلال الحكم عـ76111ـدد
أنّه تأسّس على تقرير
إرشادي أحصى المظاهرات
التي
تمّت بكامل تراب الجمهوريّة
وهي مظاهرات أحيل المتهمون
بارتكابها على القضاء
و لا
علاقة مباشرة لأيّ واحد
من المتهمين المحالين
في القضيّة عـ76111ـدد بالمظاهرات
المذكورة و قد جاء في الحكم
ما يلي "و قد تضمّن التقرير
الإرشادي من قبل
الباحث المنتدب تحت عدد
808 بتاريخ 28/02/1991 و كذلك التقرير المحرّر
من طرف إدارة أمن
الدولة بتاريخ 25/05/1992 إحصاء
المظاهرات التي جدّت
بكامل تراب الجمهوريّة.." فأصبحت نفس الواقعة
بذلك حجة
على إدانة من ارتكبها
أو اتهم بارتكابها المحال
أمام محكمة تعهدت بالنظر
في
الحادثة موضوع التتبّع
كما أصبحت دليل إدانة
ضدّ طرف آخر لا علاقة له
مباشرة
بالحادث و رغم أنّه محال
أمام محكمة لم تتعهد بالبتّ
و النظر في الملف المذكور
و
قد أسّست المحكمة الغير
المتعهّدة بالملف حكمها
بإدانته على مجرّد تقرير
إرشادي
بصرف النظر عن حكم المحكمة
المتعهدة بالبتّ في الملف
حتى و إن برّأ ساحة المتهمين
من الفعلة المذكورة أو
قضى بعدم تجريم الأفعال
الصادرة عنهم أو ببطلان
إجراءات
التتبّع أو غير ذلك ممّا
يمكن أن تصدره محكمة من
أحكام و قرارات و لا غرابة
بعد
ذلك أن تعلل المحكمة حكمها
بالإدانة بقولها "و قد
أفرز هذا التوجّه عمليّة
حرق شعبة باب سويقة ... هذا
فضلا عمّا حدث من حرق أماكن
أخرى داخل الجمهوريّة" و كأنّ بالمحكمة تريد
محاكمة
كلّ من مثل أمامها من أجل
جريمة أصدر القضاء حكمه
فيها بصفة باتّة غير قابلة
للطعن.
3.13- المحكمة تواجه المتهمين
بمحجوز حجز عن غيرهم
حاولت
المحكمة لإثبات إدانة
المتهمين بارتكاب ما
نسب لهم من تهم تعداد المحجوز
كدليل على
تورّطهم في أعمال العنف
و حرق و غير ذلك و لكن الغريب
في الأمر أنّها وضعت على
كاهل المتهمين ما لم يحجز
عنهم بل حجز عن غيرهم ممن
لا تربطهم بهم أيّة صلة
تنظيميّة أو سياسيّة
أو ممّن وقع التخلي عنهم
لفائدة محاكم أخرى و لم
تثبت قضائيّا
نسبة المحجوز لهم و بصفة
قطعيّة من ذلك على سبيل
المثال أنّ المحكمة في
القضيّة
عـ76111ـدد قد قامت بحصر ما
حجز عن عناصر جماعة "طلائع
الفداء"
التي أقرّ الحكم صراحة
أنّه لا علاقة لها بحركة
النهضة لإثبات إدانة
علي
لعريض و زياد الدولاتلي
و سحنون الجوهري و شكري
بحريّة و غيرهم من عناصر
و
قيادات حركة النهضة
المحالين أمامها و الحال
أنّه لم يحجز عن أيّ واحد
منهم
ما يثبت إدانته بارتكاب
ما نسب له من تهم إذ يتضح
بالرجوع إلى الحكم المذكور
أنّ
المحجوز المضاف باستثناء
بعض الدراسات و الكتب
حجز عن عناصر طلائع الفداء كما ووجه المتهمون في
القضية المذكورة و كذا
في القضية عـ76110ـدد بمحجوز
حجز عن متهمين آخرين تمّ
التخلي عنهم لفائدة محاكم
أخرى و قد اعتمد المحجوز
المذكور حجة إدانة ضدّ
المتهمين
قبل أن تصدر المحاكم التي
أحيل أمامها من حجز عنهم
أحكامها أصلا سواء بالإدانة
أو
البراءة و قد جاء في الحكم
عـ76111ـدد ما يلي "و حيث تجدر
الإشارة إلى أنّ
الباحث المنتدب توصّل
بالإضافة إلى ما سبق ذكره
إلى حجز عدّة معدّات...
و
تمّ حجز تلك المعدّات
على أتباع الحركة على
مستوى الجهات الواقع
التخلي عنها
لفائدة محاكم الحق العام..."
وهو ما يفتح المجال واسعا
لأن يترتب عن كلّ جريمة
لا دعوى عموميّة فقط بل
دعاوى
عموميّة ضدّ أشخاص متعددين
لا علاقة لهم ببعضهم بعضا و أمام محاكم متعدّدة
من درجات مختلفة و في
كلّ جهات البلاد إن لزم
الأمر و ذلك خلافا لأحكام
الفصل الأول من م إ ج و الذي
جاء
ناصّا أنه "يترتّب على
كلّ جريمة دعوى عموميّة
تهدف إلى تطبيق العقوبات
و
يترتّب عنها أيضا في صورة
وقوع ضرر دعوى مدنيّة
لجبر ذلك الضرر" . و قد
وصل الأمر حدّ إحضار المحجوز
المضاف بملف القضيّة
التي بتّت فيها محكمة
أمن الدولة
سنة 1987 لإثبات الإدانة سنة
1992.